أكدت العديد من الدراسات الخاصة بشؤون وقضايا المرأة، أن وضع رهان تحرر المرأة وتقدمها يقع بين سندان التقاليد الاجتماعية ومطرقة الموروث الثقافي.
وعدم دفعها إلى المساهمة بشكل حقيقي في الحياة العامة للمجتمع، بعتقها من براثين الأمية، عن طريق منحها فرص التكوين والتعليم، وتسهيل عملية تبوئها مراتب عليا في مجال العمل، مهما بدت صعبة ومعقدة، وتعنت بعض العقليات العقيمة، التي تعارض كل مبادرة من شأنها دعم العنصر النسائي والعمل على دفعه إلى الأمام، من بين الأسباب عدة، التي ساهمت في عرقلة مسيرة المرأة نحو المزيد من النجاح، وتحقيق الذات، وكسر كل القيود، لأجل المشاركة في الثورة الاجتماعية على حد سواء مع الرجل.
وأشارت الدراسات نفسها، أن استفحال سيادة مظاهر التخلف، من فقر وأمية واستغلال لجنس المرأة ماديا ومعنويا باعتبارها عنصر ضعيف، ساهم بشكل كبير في عدم تمكينها من القيام بدورها كما رغبت وساهم في تحطيم طموحاتها، مضيفة أنه رغم ما حققته المرأة من نجاحات ساهمت في تطور وازدهار المجتمع، مازال موضوع المرأة يمثل إشكالية كبيرة، خصوصا مع استمرار تيارات متناقضة، أحدهما يناضل من أجل منح المرأة المزيد من وسائل الدعم، التي تسعى إلى تمكين المرأة من التمتع بكل حقوقها، والآخر يصر على أن يقتصر عمل المرأة على الدور الأسري أو المنزلي، أو إلى أبعد الحدود أن تمارس مهنا معينة وفي مجالات محددة، اعتقادا منهم بأن قدرتها الجسدية والعقلية جد محدودة.
من جهتهم، يرى مهتمون بشؤون المرأة، أن هناك ضرورة ملحة لتحرير المرأة ودفعها للمشاركة في الحياة العامة للمجتمع، عن طريق فتح الأبواب أمامها وإزاحة كل العراقيل، التي يمكن أن تمنعها من مواصلة نجاحها بكل ثقة وحرية.
وأشارت المصادر نفسها، أن ما جرى تحقيقه منذ أن خرجت المرأة إلى ميدان العمل والمشاركة في الحياة العامة للمجتمع، يبرهن على أنه بإمكانها أن تلعب أدوارا كثيرة مثل الرجل، وأن ليس هناك من فرق بينهما، لأنها يمكنها أن تمارس الأدوار نفسها التي يمارسها الرجل، وأن قصر المرأة على أدوار محددة ينتقص من مكانتها، وبالتالي يؤثر على مستوى رقي المجتمع، الذي تنتمي إليه.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن التوجه الذي يقول إنه ليس للمرأة الحرية المطلقة في اختيار الدور، الذي ترتضيه لنفسها، بغض النظر عن طبيعتها، وبغض النظر عن عادات وتقاليد وموروثات مجتمعها، يساهم في الحد من دور المرأة وعدم تحسين وضعيتها، وتعطيل إسهامها التنموي في المجتمع، مشيرة إلى أن هذا التوجه، يعتبر عمل المرأة سببا في انتشار البطالة، متسببا بذلك في التجني على المرأة، من جهة، ومحددا دورها في المنزل وتربية الأبناء، متناسيا قدرتها على المشاركة وبشكل فعال في بناء مجتمع متمدن وراق.
وأبرزت أن اختصار رؤية المرأة في الجانب الجنسي فقط، وفرض قوانين مجتمعية تحد من خروج المرأة للمشاركة في كل ميادين الحياة العملية، مهما بدت صعبة، يعتبر تقصيرا في حقها، ونفيا لكونها تتميز بقدرات ومهارات مثل الرجل، بحكم أنها إنسان، لها ما له وعليها ما عليه في حدود المنطق والمعقول، إذ لا يجب حرمانها من مخالطة الناس، مع احترام إطار الممارسة الأخلاقية والاجتماعية المتعارف عليها.
وأشارت إلى تقليص نسبة مساهمة العنصر النسائي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة استمرار تعنت عقليات ترفض أن تعترف بمهارات وقدرات المرأة، التي برهنت عليها في العديد من المجالات الحيوية، وتدعو إلى عدم السماح لها بالعمل في وظائف بذريعة أنها حكر على الرجال فقط، ساهم في ارتفاع معدلات البطالة بين الإناث، التي شملت خريجات التعليم الجامعي، ما ترتب عنه الكثير من الآثار السلبية، خصوصا على مستوى نسبة مشاركة المرأة في ميدان العمل.
واعتبرت المصادر ذاتها، أن معاناة المرأة بسبب عادات وتقاليد اجتماعية، مظاهر أخرى وراء تخلف المرأة، التي تسعى إلى تفعيلها بعض العقليات، التي لا ترغب في أن تتبوأ المرأة المكانة المرموقة التي تستحقها.
وأثبت الواقع أن النساء كن وراء خروج مشاريع ضخمة إلى النور، ووصول بعضهن إلى مراتب عليا في المجتمع، سواء داخل المغرب أو خارجه.
من جهتها، ذكرت مصادر جمعوية، أن الأمية تبقى من الأسباب الرئيسية، التي تحول دون تمكين المرأة من تحقيق ذاتها في المجتمع وتؤثر على قدرتها في المنافسة على فرص العمل، إذ ما زالت المرأة المغربية تعاني الأمية، بل إن هناك إحصائيات تفيد أن 62 في المائة من النساء في المغرب أميات مقابل 38 في المائة من الرجال، وأن الحالة تزداد استفحالا مع تفشي ظاهرة التسرب من مقاعد الدراسة، التي غالبا ما تكثر بين الفتيات، وبالأساس في العالم القروي، في زمن أضحى فيه التعلم والخضوع إلى التدريب المهني اللائق والمناسب أمرا ضروريا، لأجل صقل إمكانيات وقدرات المرأة، ومطابقتها مع واقع ومتطلبات أسواق العمل، ما يساعدها على المساهمة في تحسين وضعية أسرتها.
وأفادت المصادر نفسها، أن للإعلام، بكافة وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية، دور مهم في إعادة رسم صورة المرأة ومحاربة التقاليد والعادات، التي تقلل من قيمة دورها في المجتمع، أو تشكك في قدرتها على المشاركة في القيادة وصنع القرار على كافة المستويات، وإبراز تجاربها الناجحة، وإعلاء قيمة العمل بشكل عام.