في حكم غسل بعض أجزاء الميت وكفنه والصلاة عليه
السؤال: وجد في قريتنا جسم لإنسان مقطوع الرأس وبعد التعرّف على شخصيته لم يعثروا على بقية جسمه، واختلفوا في غسله وكفنه والصلاة عليه بهذه الصورة.
وما دام الأمر مستعجلا، فيرجى منكم الجواب عن حكم غسل وكفن والصلاة على بعض الميت كأطرافه وأجزائه؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد
فلم يختلف أهل الفقه في أنّ غسل الميّت المسلم وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض كفاية لأمره صلى الله عليه وسلم، ومحافظة المسلمين عليه، كما اتفق
الأئمة الأربعة وغيرهم على أنّ الميت المسلم إن وجد أكثر من نصفه غسل وصلّي عليه ودفن، غير أنّهم يختلفون فيما إذا عثر على نصفه أو دون
على قولين، والمختار في ذلك مذهب الشافعي وأحمد(١) وابن حزم الظاهري(٢) وهو أن تغسل أطرافه وتكفن ويُصلّى عليه وإن كان دون النصف
وأقل منه خلافا لأبي حنيفة ومالك. اللّهمّ إلاّ أن يكون شهيدا فلا يُغسل وإن كان جنبا ولا يُصلى عليه(٣)
ويدلّ على مشروعية الغسل والتكفين والصلاة فعل الصحابة من ذلك: صلاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عظام بالشام، وصلاة أبي أيوب
الأنصاري على رِجْلٍ(٤)، وبما نقله الشافعي قال: بلغنا أنّ طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل، فعرفوها بالخاتم، فغسلوها وصلوا عليها، وكان ذلك
بمحضر الصحابة(٥) هذا كلّه إن لم يكن قد صلي عليه، فإنّه يغسل ويصلى على ذلك الجزء ويدفن، لأنّ الآثار السابقة وإن كانت دائرة بين الضعف
والإرسال إلاّ أنّ الأقرب إلى الصواب هذا القول لأنّه موافق لأصل وجوب الصلاة على المسلم، وإذا جازت الصلاة على الميّت الغائب فإنّه تجوز على
جزء منه جريا على الكلّ. أمّا إذا صلى عليه ثمّ وجد جزء منه فأنّه يغسل ويدفن
غير أنّه إن صلى على بعضه ينوي بالصلاة على كلّه جسده وروحه على ما قرره أهل العلم، وهذا كلّه إن تيقن موته، فإن كان العضو قطع من حي
كيد السارق، أو شك في العضو أهو منفصل من حي أو ميّت لم يصل عليه على أرجح الأقوال(٦)
والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.