إذا نظرت في حال السابقين من هذه الأمة لوجدت أنهم في مدة يسيرة جدا من الزمن ملأوا الدنيا علما وحكمة، وجهادا وفتحا، وتقدما ورقيا، ولو بحثت قليلا لأيقنت أن السبب الرئيس وراء هذا كله هو علو همتهم، وترفعهم عن الصغائر، وانشغالهم بالعظائم.
وإذا قارنت حالنا اليوم بحالهم لوجدت الفارق كبيرا والبون شاسعا، وما ذاك إلا لانحطاط الهمم وسقوطها ودناءتها عند كثير من المنتسبين للأمة اليوم.
فحين يكون قادة المجتمع هم اللاعبين والراقصين، فلا يتصور رقي ولا فتوحات.
وإذا كان ابن حزم رحمه الله قد قال في ملوك الأندلس وشدة حرصهم على عروشهم:
" والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم بادروا إليهم، فنحن نراهم يستمدون النصارى، فيمكنوهم من حُرَم المسلمين وأبنائهم، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعا، فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس".
فماذا يقول لو رأى الناس في زماننا؟
حين تكون همم الناس محصورة في مطعم ومشرب وملبس، حين يؤثر الناس الراحة ويخلدون إلى النوم والكسل ويقعدون عن المكارم وينشغلون بسفاسف الأمور فإنهم عندئذ يكونون مصابين بداء انحطاط الهمة وسقوطها ودناءتها.
ولهذا المرض الفتاك والداء العضال العديد من الأسباب، نذكر منها:
1- حب الدنيا وكراهية الموت
2- ركوب بحر التمني
3- كثرة الخلطة وصحبة البطالين
4- الترف الزائد وكثرة التمتع بالمباح