السويد تطمر نفاياتها النووية إلى الأبد
اوسكارشامن ـ يهبط المصعد بعد رحلة تستمر تسعين ثانية تثير الدوار الى وسط الارض ويفتح ابوابه على رواق قاتم ورطب حفر في الغرانيت وصولا الى "اسبو هارد روك" حيث طورت السويد طريقة لتخزين نفاياتها النووية الى الابد.
والمختبر بالقرب من اوسكارشامن "جنوب شرق السويد" وتمتد انفاقه على مسافة اربعة كيلومترات وعلى عمق خمسمئة مترا تحت سطح الارض.
ومنذ بنائه في العام 1995، اختبر الباحثون فيه انماطا مختلفة تهدف الى طمر النفايات النووية في الغرانيت لفترة مئة الف سنة على الاقل.
ويقوم النظام الذي اعتمد في النهاية على وضع طنين من الوقود المستهلك وهي الكمية الضرورية للاستهلاك الكهربائي السنوي في مالمو، ثالث مدن السويد التي تضم 286 الف نسمة في صناديق من النحاس اسطوانية الشكل ولمحكمة الأقفال.
يجري بعد ذلك طمر كل صندوق في الغرانيت وبعمق نصف كيلومتر، ويتم حقن محيطه بمعجونة الصلصال تسمى بينتونيت التي تنتفخ عند ملامسة المياه، والهدف منها عزل الصندوق تماما وحمايته في حال حدوث هزة ارضية.
وتوضح كايسا انغهولم ممثلة "الشركة السويدية لإدارة الطاقة والنفايات النووية" "اس كاي بي" ان "امتار عدة تفصل بين صندوق وآخر، لكي يستطيع الصخر امتصاص الحرارة التي تنتجها المادةالمشعة".
تم على هذا النحو طمر ستة صناديق فارغة في اسبو، الى جانب مولدات كهربائية من اجل محاكاة انبعاث الحرارة التي ينتجها الوقود النووي المستهلك.
ويقوم الباحثون بذلك بتحليل مقاومتها للحرارة والضغط والرطوبة والجراثيم.
وسيتم تطبيق هذاالنظام في مركز للتخزين بني في فورسمارك، على بعد مئتي كيلومتر شمال ستوكهولوم.
ويقول المتحدث باسم "اس كاي بي" جيمي لارسون هاغبرغ "في حال جرى كل شيء على ما يرام، سينطلق بناء هذا المركز في العام 2016" على ان يبدأ ايداع النفايات فيه في العام 2022 او 2024.
وتأمل فرنسا وفنلندا ايضا في فتح مراكز للتخزين مماثلة تمتد على الاف السنين، قبل العام 2030.
ومنذ العام 1985، تخزن السويد نفاياتها النووية التي تنتجها مفاعلها النووية العشرة في مركز "كلاب" الموقت للتخزين في اوسكارشامن. واليوم، تنتظر فيه 4993 طنا من الوقود النووي العالي الاشعاع ان يتم طمرها.
صار "كلاب" نصف ممتلىء وسيمتلىء بالكامل بعد ثلاثين الى اربعين عاما، على ما تشير بريتا فرودنتال المرشدة في "اسبو هارد روك".
غير انه وفي حال لم يبق سوى واحد في المئة من الاشعاعات النووية بعد عقود من التحلل، يجب انتظار مئة الف عام من اجل ان يستعيد الاورانيوم اشعاعه الطبيعي الذي كان عليه في حالته الخام.
وتقول انغهولم ان "السلم الجيولوجي لا قيمة لمئة الف عام في المقارنة مع 8،1 مليار سنة هو عمر الكتلة الغرانيتية" حيث سيتم طمر النفايات.
وتضيف "ان الاجيال التي انتجت هذه النفايات "النووية" هي المسؤولة عنها".
وستتم حماية مركز "فورسمارك" من اعتداءات ارهابية محتملة، على ما توضح "اس كي بي" من دون ان تعطي معلومات اضافية لاسباب امنية.
ولم يظهر مناهضو هذا المركز معارضة شديدة حتى الان.
لكن مدير منظمة "ام كاي دجي" السويدية غير الحكومية لمراقبة معالجة النفايات النووية يوهان سواهن، لا يخفي قلقه.
ويحذر سواهن قائلا "ندرك شيئا فشيئا النقص في المعلومات المتوافرة لنا في شأن تآكل النحاس وفاعل مادة بينتونيت مع حرارة مماثلة على مر الاف السنين".
ويرى "في حال بدأ الصدأ يظهر على الصندوق فورا، فيمكن النفايات الاشعاعية ان تظهر على السطح بعد خمسين الى مئة عام".
غير ان "اس كاي بي" ترفض هذا الرأي وتقول بعدم وجود دراسة واحدة تبين ان النحاس قادر على الصدأ من دون اكسيجن.
اما كلفة المشروع فتقدر بعشرين الى اربعين مليار كورونا سويدية اي ما يعادل 1.9 الى 2.4 مليار يورو، يمولها القطاع الصناعي النووي بالكامل.