اللســــــــــــــان
الحمد لله الذي أنشأ وبرأ وخلق الماء والثرى وأبدع كل شئ وذرا لا يغيب عن بصره صغير النمل في الليل إذا سرى ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء .
قال تعالى : " ما يلفظ من قول إلا لدية رقيب عتيد "
هل تذكرت أخي في هذه الآية هل تفكرت يا من له قلب أو القي السمع وهو شهيد . يخبرنا تبارك وتعالى في هذه الآية انه ما يلفظ من قول خير كان أو شر إلا لديه رقيب عتيد أي مراقب ُ ُ له فما من كلمة إلا وتسجل وستعرض على ربك وستسأل أيها الضعيف في موقف رهيب ليس بينك وبين الله ترجمان فيسألك عبدي لما قلت كذا يوم كذا .
أما سمعت أيها المسلم قول حبيبك محمد صلى الله عليه و سلم
" من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت"
أما سمعت قول النبي صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما سأله عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار قال له في نهاية الحديث قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا .قال قلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال النبي صلى الله عليه و سلم " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوهم إلا حصائد ألسنتهم "
وورد في الأثر " إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا "
فإنما نحن بك " فإنك ان استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا "
أعضاؤك كلها تتذلل للسان وتخضع له بل وتترجاه وتقول له اتق الله فينا فأعلم أيها المسلم الصائم القائم أن كل كلام ابن ادم عليه لا له إلا أمراً بمعروف أو نهياً عن المنكر أو ذكراً لله تعالى : هكذا قال الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم قال تعالى " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس "
اللسان أيها الأحبه هذا العضو الصغير قد يكون سببا في دخولك الجنة بل أعلى الدرجات في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً بسبب كلمة تقولها تنصر دين الله فينصرك الله بها ويرفعك في اعلي عليين .
وقد يكون اللسانُ سبباً في دخولك النار بل في أسفل دركاتها بسب كلمة تخرج منك لا تلقي لها بالا
قال النبي صلى الله عليه و سلم "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يلقى لها بالاً يرفعه الله بها الدرجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقى لها بالاً يهوى بها في جهنم " البخاري
أحذر يا مسكين كلمتك التي قد تقولها وأنت لا تلقى لها بالا وهي عند ربى في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى .
حتى ولو لم تقلها بل سمعتها وسكت " فإنك إذا مثلهم" قال النبي صلى الله عليه و سلم
" لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم "
أنواع كثيرة من العذاب السبب فيها هو اللسان.
ولذا ترى سلفنا الصالح لهم أحوال عجيبة مع ألسنتهم .
دخل عمر رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه وهو يجبل لسانه أي يجره بشده فقال له عمر مه غفر الله لك فقال أبو بكر " ان هذا الذي أوردني الموارد "
قال رجل رأيت ابن عباس أخذا بثمرة لسانه وهو يقول
ويحك قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم
وكان يقول بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شئ احنق على لسانه
وهذا عبد الله بن وهب رحمه الله تعالى يقول
نذرت أني كلما اغتبت ُإنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني الصوم فكنت أغتابُ وأصوم فنويتُ أنى كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم فمن أجل حب الدراهم تركتُ الغيبة .
بلغنا ان قس بن ساعده وأكثم بن صيغي اجتمعا فقال احدهما لصاحبه كم وجدت في بني أدم من العيوب ؟
فقال هي أكثر من أن تحصى والذي أحصيته هو ثمانية آلاف عيب ووجدت خصلةً إن أستعملها سترت العيوب كلها قال وما هي ؟ قال حفظ اللسان فكم بالألسنة عبد غير الله تعالى كم بها أحدثت البدع كم قرحت بها أكباد كم بها أرحام قطعت وأوصال تحطمت كم بها فرقت قلوب كم بها تزفت دماء كم بها عذب مظلومون كم بها طلقت نساء وهدمت بيوت كم بها نهبت أموال كم بها قذفت محصنات فكيف يصوم بعد ذلك من أطلق لنفسه ولسانه العنان ؟
وكيف يصوم من كذب وأغتاب وأكثر الشتم والسباب ونسى يوم الحساب وكيف يصوم من شهد الزور ولم يكف عن المسلمين الشرور.
اللهم أحفظ ألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة وأعمالنا من الرياء
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
وصلى اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .